همسات البيوت المنهكة… حكايات الفقر التي تختبئ عن العيون

هناك، خلف جدار قديم تتسلل إليه الرطوبة، تختبئ أصوات لا يسمعها أحد... أصوات تشبه الهمسات، كأنها تتردد خوفًا من أن تكشف هشاشة المنازل، أو تعري آلام أصحابها. في تلك الزوايا التي يعرفها الفقر أكثر مما يعرفها النور، تعيش قصص صامتة؛ أم تخفي غصتها كي لا تتشوه ملامح أطفالها، ورجل يبتلع حزنه ليبدو قويًا، وقلوب تخجل من طلب المساعدة، لأن الألم في مجتمعاتنا يُعتبر سرًا... وكأنه عار.
خلف الجدران، هناك حياة لا تظهر في نشرات الأخبار، لكنها تنبض في كل بيت يعاني بمفرده. هناك وجوه تتعلم كيف تبتسم لتخفي الندوب، وأغانٍ قديمة يستند إليها من تعب ليقنع نفسه بأنه لا يزال قادرًا على الاستمرار.
وأشد ما في الصمت أنه يصبح ضرورة... أن يتحول الفقر إلى شيء نخبئه أكثر مما نحاربه، وأن يصبح الألم محوراً اجتماعيًا يُمارس بتردد.
لكن الأصوات التي تخشى الخروج ستجد يومًا طريقها... فالجدران، مهما كان صمتها شديدًا، لا تستطيع منع الحقيقة من المرور. وربما يكفي أن يصغي أحدهم... فقط يصغي، ليكتشف أن خلف كل جدار قصة تستحق أن تُروى، لا أن تُخفى.
بقلم: سماح مطر
